يدّعي زيت جوز الهند في السنوات الأخيرة قدرته على المساعدة في حرق الدهون وتحسين الذاكرة وتحسين صحة القلب وحتى منع حروق الشمس وأكثر. حتى عرّف العديد من مقدمي البرامج الحوارية وخبراء الصحة الموثوق بهم زيت جوز الهند أنه معجزة الطبيعة.
و في المقابل، يخالف الكثير من خبراء الصحة والتغذية هذا الرأي. حيث كان زيت جوز الهند لفترة طويلة على قائمة ”الدهون الغير صحية ” نظراً لإحتوائه على نسبة كبيرة من الدهون المشبعة.
تكمن القصة الموجزة لزيت جوز الهند في قشرة جوز الهند، فهناك دليل علمي موثوق يظهر أن جوز الهند يسرع من عملية التمثيل الغذائي (الأيض) أو يشجع على فقدان الوزن أو يشفي من مرض الزهايمر أويحسن وظائف المخ أو يحسن صحة القلب. ولكن لا يوجد دليل واحد يثبت أن زيت جوز الهند أقل ضررا على القلب من الأصناف أخرى.
ومن الناحية التغذوية، يحتوي زيت جوز الهند على 9 سعرات حرارية لكل غرام مثل جميع الدهون الأخرى، مما يجعل منها غنية بالسعرات الحرارية. ويجب على جميع مصادر الدهون الغذائية أن لا تشكل أكثر من 35٪ من السعرات الحرارية اليومية. والأهم من ذلك كله أن الجدال يكمن في أن أكثر من 90٪ من الدهون في زيت جوز الهند هي دهون مشبعة. وقد توصلت عقود من الأبحاث إلى أن الدهون المشبعة ضارة على صحة القلب والأوعية الدموية. لهذا السبب ينصح البالغين الأصحاء أن يستهلكوا ما لا يزيد عن 10٪ من سعراتهم الحرارية على شكل دهون مشبعة.أما الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلب أو المعرضين لمخاطر عالية للإصابة بذلك تكون نسبة استهلاكهم أقل حيث تكون 7٪ من سعراتهم الحرارية من الدهون المشبعة .
إذن كيف يتماشى زيت جوز الهند مع هذه الأرقام ؟
لشخص يتبع نظام غذائي من 1200-1500سعرة حرارية في اليوم، تكون حصته من الدهون المشبعة هي 17 غراما يومياً. ملعقة واحدة من زيت جوز الهند تحتوي على حوالي 12 غراما من الدهون المشبعة (و 117 سعرة حرارية) حيث سيصل بهذا إلى الحد الأعلى من هذه الدهون دون تناول أي مصادر أخرى من الدهون المشبعة.
إذا كنت تحب النكهة التي يوفرها زيت جوز الهند في الطبخ يمكنك استخدامه ولكن باعتدال. استخدمه مثلما تفعل بأي عنصر آخر عالي الدهون مثل الزيت أو الزبدة بكميات صغيرة غير مبالغ بها.
منتجات أخرى لجوز الهند
زيت جوز الهند ليس المصدر الوحيد للدهون المشبعة، فنحن نشهد المزيد والمزيد من منتجات جوز الهند على رفوف محلات البقالة والكثير منها تحوي نسبة عالية من الدهون المشبعة.
• حليب جوز الهند والذي يحتوي على شرائح وسائل جوز الهند وغالبا ما يأتي معلباً وغنياً بالسعرات الحرارية والدهون.حيث أن نصف كوب منه يحتوي على 223 سعرة حرارية و 24 غراما من الدهون، 21 منها مشبعة أي أكثر بكثير من الحد الأعلى المسموح به من الدهون المشبعة.
• شرائح جوز الهند الطبيعي والتي يمكن شراؤها مقطعة أو حبة كاملة كما هي و تستخدم غالباً في سلطات الفواكة الاستوائية. إن ربع كوب منها يحتوي على 71 سعرة حرارية و 7 غرامات من الدهون (6 منها مشبعة).
• شرائح جوز الهند المجففة وغالباً ما توجد في قسم المخبز أو في مخازن الأطعمة الطبيعية. غالبا ما تستخدم في الخبز أو صنع العصائر أو الحلويات. إن ربع كوب منها يحتوي على 116 سعرة حرارية و 8 غرامات من الدهون (7 منها مشبعة). ستجد في معظم الأحيان جوز الهند المجفف و المحلى في محلات البقالة التقليدية وهو في الواقع أقل في السعرات الحرارية والدهون لأن بعض من الدهون فيها قد استبدلت بالمحليات.
• ماء جوز الهند: من ناحية أخرى لا يستخدم لبّ جوز الهند بل السائل المائي داخله. وهو لا يحتوي على السعرات الحرارية والدهون الموجودة في زيت جوز الهند أو شرائح جوز الهند المبشورة.ويستخدم العديد من الرياضيين والمهتمين باللياقة البدنية ماء جوز الهند لترطيب الجسم أثناء ممارسة الرياضة والسباقات. ووفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة الزراعة الأمريكية فإن كوب من ماء جوز الهند يحتوي على 46 سعرة حرارية و0.5 غرام من الدهون و0.4 غرام من الدهون المشبعة و 600 ملغ من البوتاسيوم و 252 ملليغرام من الصوديوم. ولكن تشير التقارير الأخيرة إلى أن ماء جوز الهند ليس أفضل من المياه العادية عندما يتعلق الأمر بالتزود بالماء.
كلمة عن الدهون المشبعة
يتساءل الكثير من الناس عن الدهون المشبعة وما إذا كانت جميعها ضارة بالصحة.إن علم التغذية يتطور باستمرار و قد نمت البحوث والمعرفة فيما يتعلق بالدهون المشبعة في السنوات الأخيرة. فمن على حق إذاً؟
نحن نعرف الآن أن أنواعاً من الدهون المشبعة يمكن أن تؤثر على الجسم بشكل مختلف. في السابق، اعتبرت كل الدهون المشبعة متشابهة، لكن الأبحاث في الوقت الحالي تظهر أن الدهون المشبعة الموجودة في زيت جوز الهند تختلف نوعا ما عن الدهون المشبعة في اللحوم والزبدة وبالتالي قد تؤثر على الجسم بشكل مختلف. ومع ذلك، ما زال الباحثين لا يعرفون على وجه اليقين ان كان هذا يجعل من زيت جوز الهند مفيد لقلبك. وتشير بعض الدراسات إلى أن بعض الأنواع من الدهون المشبعة قد تقلل من عوامل الخطر لمرضى القلب، وتظهر دراسات أخرى عكس ذلك تماماً. و لنعرف ذلك على وجه اليقين فإنه لا يزال الأفضل أن نكون حذرين و نحافظ على معدل تناولنا للدهون المشبعة بحيث تكون 10٪ أو أقل من السعرات الحرارية اليومية.
كلمة أخيرة: كن واعيا عندما يتعلق الأمر بزيت جوز الهند. فحتى الآن لا توجد أي بيانات أو بحوث ذات مصداقية تثبت أن جوز الهند يساعد على فقدان الوزن أو تحسين وظائف الدماغ أو صحة القلب.
فكّر في زيت جوز الهند باعتباره نوع من التوابل و ليس زيتاُ وتذكّر أن قليلاَ من زيت جوز الهند يمكن أن يضيف نكهة وبنية لبعض الأطعمة التي ترغب بها وبالتالي عليك أن تعطي أفضل ما لديك للحفاظ على الدهون الكلية وكمية الدهون المشبعة في المستوى الطبيعي بحسب التوصيات المستندة على عقود من الأبحاث, و يكون هذا هو الحال بالنسبة لزيت الزيتون الصحي للقلب بقدر ما سيكون لزيت جوز الهند.
الإعتدال هو المفتاح
حتى لو كان زيت جوز الهند جيداً كما يزعم الناس، لا يمكنك الحصول على كمية كبيرة من هذا الشيء الجيد! كما هو الحال بالنسبة للدهون والبروتينات والألياف والماء (ما قد تأكله أو تشربه) كل شيء يعود للتوازن.
علا محمد سامي أسعد
ماجستير إضطرابات الأكل والبدانة
Quality of Life Nutrition Center